[size=أ-الحوار اللفظي :
قبل أن أبدأ بالعنوان الأول في الحوار اللفظي مع السيدة خديجة، فإنه لا بد من هذه المقدمة حتى نعلم أوصاف هذه الزوجة، و حياتها مع المصطفى صلى الله عليه وسلم.
خديجة رضي الله عنها:
جاء في وصفها رضي الله عنها أنها ما زالت تعظم النبي صلى الله عليه وسلم وتصدق حديثه قبل البعثة وبعدها.
قال ابن حجر رحمه الله : ( ومن مزايا خديجة أنها ما زالت تعظم النبي صلى الله عليه وسلم وتصدق حديثه قبل البعثة وبعدها ) الإصابة جـ7ص603.
قال ابن حجر رحمه الله : (كانت حريصة على رضاه بكل ممكن، ولم يصدر منها ما يغضبه قط كما وقع لغيرها) فتح الباري جـ7ص138 .
قال ابن حجر رحمه الله : ( صدقته صلى الله عليه وسلم في أول وهلة ، ومن ثباتها في الأمر ما يدل على قوة يقينها ، ووفور عقلها ، وصحة عزمها) فتح الباري جــ7ص134
قال ابن هشام : (آمنت به خديجة بنت خويلد، وصدقت بما جاء من الله ، ووازرته على أمره ، وكانت أول من آمن بالله ورسوله ، وصدق بما جاء به ، فخفف الله بذلك عن نبيه صلى الله عليه وسلم ، لا يسمع شيئا مما يكرهه من رد عليه وتكذيب له ، فيحزنه ذلك ، إلا فرج الله عنه بها إذا رجع إليها ، تثبته وتخفف عنه ، وتصدقه وتهون عليه أمر الناس ، رحمها الله تعالى) السيرة النبوية لابن هشام جـ2ص224.
إن العنوان العريض بعد هذه المقدمة التعريفية بالسيدة خديجة رضي الله عنها، أنها كانت الداعم الأول منذ اللحظة الأولى للوحي، ومن ثم هموم الدعوة الإسلامية التي كان يعاني بها من قومه - صلى الله عليه وسلم- ، فحوارها كان فيه الدعم النفسي المعنوي والمادي ، فهي لم تكتفي أن بشرته بكلماتها بل ذهبت به إلى ابن عمها ورقة بن نوفل وهي لم تواسيه في تخفيف أذى الناس فحسب، بل وضعت كل إمكانياتها المادية في خدمة الدعوة إلى الله عز وجل ، ومن هنا لا نعجب إن كان صلى الله عليه وسلم كثير الحوار معها بعد رجوعه من معاناة أذى الناس له في سبيل الدعوة إلى الله سبحانه و تعالى، كما ورد (لايسمع شيئا مما يكره من رد عليه وتكذيب له، فيحزنه ذلك ، إلا فرج الله عنه بها إذا رجع إليها...........) و من هنا كان عنوان الحوار الأول مع السيدة الأولى هو:
12-الحوار الترفيهي
عن عائشة قالت
دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما وأنا ألعب بالبنات فقال : ما هذا يا عائشة ؟ فقلت : خيل سليمان ، فضحك) الطبقات لابن سعد ص60.
وكان صلى الله عليه وسلم يقدر لها حداثة سنها وحاجتها إلى اللعب وكان يسرب إليها صواحب يلاعبنها ، وكان يمكنها أن تضع رأسها على كتفه الشريف وهي خلفه مستترة به ، لتنظر إلى الأحباش يلعبون بحرابهم في المسجد ، قالت السيدة عائشة : وكان يوم عيد ، يلعب فيه السودان بالدرق والحراب ، فإما سألت النبي صلى الله عليه وسلم وإما قال: ( تشتهين تنظرين؟ ) فقلت : نعم فأقامني وراءه ، خدي على خده ، و هو يقول: ( دونكم يا بني أرفدة ) حتى إذا مللت قال : ( حسبك ) . (رواه البخاري).
ومن لطفه صلى الله عليه وسلم بهن أنه كان يمازحهن ويضاحكهن ، قالت : عائشة : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بحريرة قد طبختها له ، فقلت لسودة والنبي صلى الله عليه وسلم بيني وبينها : كلي ، فأبت ، فقلت : لتأكلين أو لألطخن وجهك ، فأبت ، فوضعت يدي في الحريرة فطليت وجهها ، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم فوضع يده لها وقال لها : ( ألطخي وجهها ) ففعلت، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم ، فمر عمر ، فقال : يا عبد الله ، يا عبد الله ، فظن أنه سيدخل ، فقال : ( قوما فاغسلا وجوهكما ، قالت عائشة : فما زلت أهاب عمر لهيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم . (رواه أبو يعلى) .
ويسمر معهن مستمعا إلى أحاديثهن ، وحفظت لنا كتب السنة شيئا من هذا السمر الشائق ، فانظر مثلا إلى تحديث السيدة عائشة النبي صلى الله عليه وسلم حديث أم زرع ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم لها بعده : ( كنت لك كأبي زرع لأم زرع ، إلا أنه طلقها وإني لا أطلقك ) .
وملخص حديث أبي زرع : أن إحدى عشر امرأة تعاهدن على ألا يكتمن شيئا من أخبار أزواجهن ولما جاء دور الحادية عشر أم زرع مدحت زوجها أبا زرع مدحا فاق كل ما سبقه ولما طلقها أبو زرع وتزوجت آخر كريم عدت محاسنه وكرم أخلاقه ولم تنس الثناء على أبي زرع فقالت : لو جمع ذلك كله ما ملأ أصغر وعاء لأبي زرع . فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة : ( يا عائشة كنت لك كأبي زرع لأم زرع ) وفي رواية ( ألا إنه طلقها وأنني لم أطلقك ) (البخاري) وزاد (النسائي) قالت عائشة : ( بل أنت خير من أبي زرع ) .
وهذه أمُّنا سودة بنت زمعة فقد اشتهر عنها أنها كانت تضحك النبي صلى الله عليه وسلم في حديثها، قالت سودة بنت زمعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم: صليت خلفك البارحة فركعت بي حتى أمسكت بأنفي مخافة أن يقطر الدم . قال فضحك. وكانت تضحكه الأحيان بالشيء .
(الطبقات لابن سعد)
- الحوار الديني:
عاثشة بنت أبي بكر:
سألت عائشة النبي (ص) عن قوله تعالى:
( والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون )
فقالت : يارسول الله أهو الرجل يسرق ويزني ويشرب الخمر وهو مع ذلك يخاف الله تعالى .؟
قال
لا ... ولكنه الرجل يصوم ويتصدق ويصلي وهو مع ذلك يخاف الله تعالى أن لا يتقبل منه ). (رواه أحمد )
4- الحوار العاطفي:
عن فاطمة الخزاعية قالت : سمعت عائشة تقول يوما : دخل علي يوما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : أين كنت منذ اليوم؟ قال : يا حميراء كنت عند أم سلمة . فقلت : وما تشبع من أم سلمة ؟ قالت : فتبسم فقلت : يا رسول الله ألا تخبرني عنك لو أنك نزلت بعدوتين إحداهما لم ترع والأخرى قد رعيت أيهما كنت ترعى ؟ قال : التي لم ترع . قلت : فأنا ليس كأحد من نسائك ، كل امرأة من نسائك قد كانت عند رجل غيري . قالت فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم . (الطبقات لابن سعد) ص80
وها هي تريد أن تتعرف على مكانتها في قلب النبي صلى الله عليه وسلم بالقول الصريح فتسأله : كيف حبك لي؟ قال : كعقدة الحبل ، وتقول السيدة عائشة : كنت أقول كيف عقدة الحبل يا رسول الله ؟ فيقول على حالها.
وهذا إن كان يرضيها فلا يكفيها ، بل تريد أن تطمئن على جوارها للنبي صلى الله عليه وسلم في الآخرة أيضا فتسأله : من أزواجك في الجنة ؟ فيقول لها النبي صلى الله عليه وسلم : أنت منهن . ( البخاري ومسلم)
وقد كانت تفتخر بهذا وتدل أحيانا به إدلال الحبيب أمام النبي صلى الله عليه وسلم فتقول له : أرأيت لو نزلت واديا ، وفيه شجرة قد أكل منها ، وجدت شجرا لم يأكل منها ، في أيها كنت ترتع بعيرك ؟ قال : ( في الذي لم يرتع منها ) . )رواه البخاري(